بسم الله الرحمن الرحيم |
هل العهد القديم كلمة الله ؟ أغلاط التوراة |
عندما نتحدث عن كتاب مقدس، فإنه من الطبيعي أن نسلم بعصمة هذا الكتاب، وأن ما فيه هو وحي الله عز وجل. إذ وجود الخطأ فيه يعني أن الله يخطئ، أو أن الروح القدس يخطئ، أو أن الرسول المبلغ يخطئ. وهذه الاحتمالات كلها مرفوضة باتفاق الأمم وبدلالة العقل، إذ الخطأ صفة بشرية لا يمكن أن تصدر من الله أو أمناء وحيه من الملائكة أو الرسل، ففي ذلك تلبيس على البشر وإضلال لهم. والأغلاط التوراتية كثيرة، ومن هذه الأغلاط: - ما جاء في سفر صموئيل عن عمر شاول عندما ملك على بني إسرائيل حيث يقول: " كان شاول ابن سنة في ملكه، وملك سنتين على إسرائيل " ( صموئيل (1) 13/1 ). وهذا أمر لا يعقل أبداً، كما أنه يتناقض مع كل ما تقدمه التوراة من معلومات عن شاول الملك الكبير، وكيفية اختياره، ورفضه لتزويج ابنته ميكال لداود إبان ملكه (شاول)، ثم تزوج داود بها عقب توليه الملك. فذلك كله وغيره مؤذن بوجود غلط في هذا النص. ولتفادي ذكر هذا الغلط عمدت بعض الترجمات الحديثة إلى ترك مكان السن فارغاً، وأشارت في الهامش نسخة الرهبانية اليسوعية إلى مصدر هذا الغلط، إذ قالت: " وهذا أمر غير معقول، لربما لم يعرفوا عمر شاول عند ارتقائه العرش، أو لربما سقط العمر عن النص، أو لربما قصرت مدة ملكه إلى سنتين لعبرة لاهوتية " ولنا أن نتساءل هل كانوا يكتبون وفق معارفهم، أم كانوا يكتبون ما يمليه عليهم الروح القدس؟. وفي محاولة أخرى لتبرير هذا الغلط يقول مطران دمشق سمعان الحصروني في كتابه " تسهيل صعوبات الكتاب المقدس " : " هذا القول لا يعني على أن شاول كان ابن سنة بالعمر ، بل إنه حين ملك كان باراً وديعاً صالحاً لا يعرف الغش مثل طفل ابن سنة ، ولما ملك سنتين على إسرائيل دخل الغش في قلبه، وصار كبيراً مثل شيخ عارف، وقال : إنه ملك سنتين لا غير ، أعني ما استقام على البرارة وعدم المخالفة والقسط إلا سنتين فقط ، ودخل في الإثم والغش وقلة رضا الله". - ومن الأغلاط أيضاً ما جاء في سفر الأيام " وقد أذل الرب يهوذا بسبب آحاز ملك إسرائيل" ( الأيام (2) 28/19 ) فالنص يزعم أن آحاز ملك مملكة إسرائيل الشمالية. والصحيح أن آحاز ملك على مملكة يهوذا الجنوبية، وبسببه أذل الله مملكته، وهو الملك الحادي عشر من ملوك مملكة يهوذا الجنوبية، كما ذكر محرر قاموس الكتاب المقدس. - ومن الأغلاط ما جاء في كتاب القضاة " وكان غلام من بيت لحم يهوذا من عشيرة يهوذا، وهو لاوي " ( القضاة 17/7 ) ولا يمكن أن يكون الغلام لاوياً ومن نسل يهوذا، فكلاهما ابن يعقوب، وهو من نسل أحدهما لا محالة. وقد اعترف بهذا الغلط هيوبي كينت والمفسر هارسلي، وذكروا أن قوله " وهو لاوي " عبارة إلحاقية " وأخرجها هيوبي من المتن. - ووقع الغلط من كاتب سفر الخروج حين زعم أن جميع مواشي المصريين قد ماتت، ثم ذكر بعدها بسطور أن مواشيهم أصيبت بالدمامل والبثور، يقول السفر: "ففعل الرب هذا الأمر في الغد. فماتت جميع مواشي المصريين. وأما مواشي بني إسرائيل فلم يمت منها واحد" (الخروج 9/6). وبعد سطور وفي نفس السفر ذكر أن فرعون لم يؤمن فعوقب بعقوبة جديدة، وهي الدمامل فيقول السفر: "ثم قال الرب لموسى وهارون: خذا ملء أيديكما من رماد الأتون. وليذرّه موسى نحو السماء أمام عيني فرعون. ليصير غباراً على كل أرض مصر، فيصير على الناس وعلى البهائم دمامل طالعة ببثور في كل أرض مصر، فأخذا رماد الأتون ووقفا أمام فرعون وذراه موسى نحو السماء، فصار دمامل بثور طالعة في الناس وفي البهائم" (الخروج 9/8-10)، فكيف أصيبت بهائمهم، وقد ماتت جميعاً. ويعود النص التوراتي مرة أخرى للحديث عن مواشي المصريين وعن تهديد موسى لفرعون بإفنائها، والمفترض أنها فنيت جميعاً، فيقول لفرعون: "ها أنا غداً مثل الآن أمطر برداً عظيماً جداً لم يكن مثله في مصر منذ يوم تأسيسها إلى الآن، فالآن أرسل، احم مواشيك وكل ما لك في الحقل، جميع الناس والبهائم الذين يوجدون في الحقل ولا يجمعون إلى البيوت ينزل عليهم البرد فيموتون، فالذي خاف كلمة الرب من عبيد فرعون هرب بعبيده ومواشيه إلى البيوت" (الخروج 9/18-21). - ومثله وقع الغلط في الحديث عن الملك صدقيا الذي عينه نبوخذ نصر بعد أن عزل يهوياكين الذي يذكر سفر الأيام أنه أخ لصدقيا، فيقول: " وملك صدقيا أخاه على يهوذا وأورشليم " (الأيام (2) 36/10 ). والصحيح أن صدقيا عم يهوياكين حيث إن عمر يهوياكين أكبر أبناء أبيه عندما ملك كان حوالي ثمان سنين، وملك لمدة ثلاثة شهور وعشرة أيام فقط. ( انظر الأيام (2) 36/9). بينما كان عمر صدقيا حينذاك إحدى وعشرين سنة. (انظر الأيام (2) 36/9 - 10 )، ولو كان أخاً ليهوياكين لكان ينبغي أن يكون أقل من ثمان سنوات لأن يهوياكين أكبر أبناء أبيه. وقد اعترف محررو قاموس الكتاب المقدس بهذا الخطأ، وقالوا : " دعي أخاً ليهوياكين أي نسيبه، أو من أصل واحد". واعترف به أيضاً وارد الكاثوليكي في كتابه " الأغلاط ". - ومن الأغلاط ما ذكره سفر التكوين من اطلاع أم عيسو على ما أضمره ابنها في قلبه، حيث يقول: "قال عيسو في قلبه: قربت أيام مناحة أبي. فأقتل يعقوب أخي. فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر" (التكوين 27/41-42)، والمفروض أنه أضمره فكيف اطلعت عليه؟ - ومن الأغلاط حديث التوراة عن رحلة هاجر وابنها إسماعيل ، إذ تذكر التوراة أن ذلك كان بعد مولد إسحاق وفطامه، ثم هي تتحدث عن حمل هاجر لابنها إسماعيل على كتفها، وكأنه طفل صغير وقد كان عمره حينذاك لا يقل عن ستة عشر عاماً، كما يتضح من عمر إبراهيم حين ولادة ابنيه . ( انظره في التكوين 16/16، 21/5). فالكاتب لهذا السفر غلط ونسي أنه يتحدث عن شاب، وليس عن طفل صغير، يقول كاتب السفر: "فكبر الولد (إسحاق) وفطم، وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحاق، .. فبكر إبراهيم صباحاً وأخذ خبزاً وقربة ماء، وأعطاهما لهاجر واضعاً إياهما على كتفها والولد، وصرفها، فمضت .. ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار، ومضت، وجلست مقابله بعيداً نحو رمية قوس، لأنها قالت: لا أنظر موت الولد..، ونادى ملاك الله هاجر من السماء، وقال لها: ما لك يا هاجر، لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو، قومي احملي الغلام وشدي يدك به....فذهبت وملأت القربة ماء، وسقت الغلام" (التكوين 21/ 7-19). - ويتحدث سفر التكوين عن سارة زوجة إبراهيم فيذكر من جمالها وحسنها أنها وقعت في استحسان فرعون مصر هي تبلغ الخامسة والستين من العمر، ومثل هذا غير معهود في النساء، إذ يذوي الجمال والحسن دون هذا السن، وامرأة في الخامسة والستين لا نراها محلاً لإعجاب الملوك وهيامهم، ثم لما تجاوزت التسعين وقعت في استحسان ملك جرار أبيمالك، ومثل هذا من الشطط الذي يتنزه عنه وحي الله وكتبه. |
http://www.saaid.net/Doat/mongiz/noor/1.htm