عمد خصوم الإسلام إلى آيات تقر سماحة الإسلام وعدالته
وادعوا أنها منسوخة وها نحن نتصدى للرد على هذه الفرية بكل موضوعية حتى يتبين الصبح
لذى عينين ، وتقوم الحجة لله على مخالفيه من الناس من أهل الملل والأهواء والنحل
.
الآيات المنسوخة :
الآية الأولى :
" إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ
رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " ( البقرة : 62 )
قالوا إن هذه الآية نسختها الآية الخامسة والثمانون من سورة آل عمران وهى :
" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " ( آل عمران : 85 ) .
الجواب : نأسف لسوء
فهمهم لهاتين الآيتين لأن كلا منهما موضوعها لا صلة له بالسلام أو الحرب ، وهما
تتحدثان عن أمرين طرفهما الأول هو الله والثانى هم الناس ، فكان من حقها أن لا تذكر
فى الناسخ والمنسوخ ومع هذا وقعوا فى ورطة لا مقيل منها إلا الاعتراف بالحق وإعلانه
ثم الإذعان له .
قالوا إن آية البقرة منسوخة بآية آل عمران على أن آية
البقرة آية سلام ؟ وآية آل عمران آية حرب ؟ وهذا – كما علمت – غير صحيح
.
الآية الثانية : قوله تعالى
" وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ
عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ
وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ " ( البقرة : 109 )
قالوا إن هذه الآية ، وهى آية عفو وصفح وسلام
منسوخة بقوله تعالى :
" قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ
وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ
وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى
يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " ( التوبة : 29 )
الجواب
: تحدثنا عن هذه الآية من قبل وبينا أنها تتحدث عن موضوع خاص وهى مقصورة عليه لا
تتعداه إلى غيره ، والخاص لا ينسخ العام عند أهل العلم والتحقيق فلا تناسخ بين
هاتين الآيتين إلا فى أوهام المتوهمين .
الآية الثالثة : قوله تعالى
:
" وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ
تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ " ( البقرة : 190 )
.
قالوا إنها منسوخة بقوله تعالى :
" وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ
كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً " ( التوبة 36 ) .
الجواب لا ناسخ
ولا منسوخ هنا لأن النسخ يكون بين آيتين معناهما مختلف كأن تأمر آية بالقتال وتنهى
آية أخرى عنه .
والآيتان اللتان ذكروهما معناهما واحد ، هو الأمر بقتال من
يقاتلونا فعلاً ، والتناسخ بين المتماثلين باطل عقلاً وشرعاً ، فمال هؤلاء القوم لا
يكادون يفقهون حديثا؟!
الآية الرابعة : قوله تعالى :
" قُلْ
أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ " ( البقرة : 139 )
.
قالوا إن هذه الآية نُسخت بالآية رقم 36 من سورة التوبة وهى :
"
وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً "
الجواب ليس بين الآيتين تناسخ وذلك لأن لكل آية منهما موضوعاً خاصاً لا
يتعارض مع موضوع الأخرى ، فآية البقرة تنكر على المشركين المحاجة فى الله ، وليس
فيها أمر بقتال ولا نهى عنه .
ومعنى الآية : قاتلوا المشركين جميعاً بسبب
أنهم يقاتلونكم جميعا كفوا عدوانهم الواقع عليكم منهم ، معاملة لهم بالمثل فكيف يقع
بينهما تناسخ يا تُرى ؟ هذا محال محال .
الآية الخامسة :
"لاَ
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " ( البقرة : 256 )
.
قاالوا إنها نُسخت بآية السيف ، وهى :
" وَقَاتِلُواْ
الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً " ( التوبة : 36 )
مازال القوم يهرفون بمالا يعرفون فكل آية تبين بوضوح سماحة الإسلام ،
يبحثون عن آية أخرى ويدّعون أنها نسخت آية السلام ، وقد عرفنا من قبل مرات إن قوله
تعالى :
" وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَآفَّةً " ( التوبة : 36 ) .
نزلت فى أمر خاص هو قتال المشركين إذا اعتدوا
علينا . أما آية :
" لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ "
فموضوعها عامل
شامل غير مقيد بزمان ولا بمكان ، ولا بأناس معينين والخاص لا ينسخ الأعم منه أبداً
.
الآية السادسة :
" فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ
لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ
أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ
فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ " ( آل عمران : 20 )
.
قالوا إن هذه الآية نُسخت كذلك بآية السيف :
" وَقَاتِلُواْ
الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً " ( التوبة : 36 )
.
والجواب : وهذا باطل من كل وجه سواء نظرت إلى الآية التى قالوا أنها
منسوخة :
" فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ
اتَّبَعَنِ " ( آل عمران : 20) .
أو نظرت للآية الناسخة على زعمهم
.
فالآية وإن لم تدع للسلام صراحة بل مارست السلام فعلاً لا قولاً لأن الله
أمر رسوله أن يعرض عن رافضى الإيمان ، لأنهم لم يُقاتلوه واكتفوا فقط بمجرد رفض
الإيمان بما بعثه الله به ، لذلك القتال فى حقهم ليس مشروعاً ، لأن الإسلام – كما
تقدم – لا يجعل مجرد الكفر سببا فى القتال وهذا المبدأ الإسلامى باق إلى يوم الدين
، وهذا مبدأ عام .
أما آية السيف التى ذكروها فهى أمر خاص والخاص لا ينسخ
العام كما تقدم مرات .
الآية السابعة :
" أُولَـئِكَ الَّذِينَ
يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ
فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا " ( النساء : 63 ) .
قالوا – كذلك – أن
هذه الاية منسوخة بآية السيف .
الجواب : لما كانت هذه الاية تعلن سماحة
الإسلام خفاقة فى الآفاق ملأت قلوبهم غيظا فادّعوا أنها منسوخة والنسخ هو المحو فى
الظواهر الحسية والمادية ، يُقال : نسخت الشمس الظل يعنى : إزالته ، وفى الأمور
الفكرية العقلية يكون النسخ هو الإبطال ووقف المنسوخ فلا يكون صالحا للعمل به ،
وهذا ما أراده المتسائلون .
وهذه الاية ليست منسوخة بآية السيف ولا بغيرها
وهى تُصوّر موقف الإسلام السمح من طائفة المنافقين الذين يُبطنون الكفر ويُظهرون
الإيمان ولم يُقاتلوا المسلمين قتالاً حسياً مادياً ومن يكن هذا شأنه فلا يجوز
قتاله أبدا وجهادهما يكون باللسان لا بالسنان ، فترك قتالهم لا يحتاج إلى نسخ ، لكن
المتسائلين لعبت بعقولهم الأهواء ليُبتوا أن الإسلام ليس دين سماحة ، فهيهات هيهات
لما يزعمون وكما جاء فى المثل " حبك الشئ يعمى ويصم "
فإن حبهم لإدانة
الإسلام بالإرهاب أذهبهم عقولهم وأعمى أبصارهم وبصائرهم وجعلهم يقولون ما يثير
الضحك عليهم من الأعماق .
الآية الثامنة :
" فَبِمَا نَقْضِهِم
مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ
الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ
تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ
عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " ( المائدة : 13 )
قالوا إن هذه الآية منسوخة بالآية 29 من سورة التوبة وهى :
"
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ
صَاغِرُونَ " ( التوبة : 29 ) .
الجواب : فى اختراع الناسخ والمنسوخ تراهم
يلفون ويدورون وهم فى مكان واحد ، غير ناظرين فى ما يقولون أصواب هو أم خطأ
؟
إنهم عندما تقع أعينهم على آية فيها عفو وصفح يُسارعون فى البحث عن آية
يدّعون أنها نسخت آية الصفح والسماحة وهذه الآية كما تُحدث عن معاملة اليهود
بالحسنى مع قبح جرائمهم سارعوا وقالوا إنها منسوخة بآية " 29 " من سورة التوبة وقد
قلنا مرات من قبل إن آية 29 من سورة التوبة نزلت فى واقعة مخصوصة بالزمان والمكان
والموضوع ، وأنها بهذه الأوصاف لا تكون ناسخة لشئ غيرها من الآيات .
الآية
التاسعة :
" مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا
تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ " ( المائدة : 99 )
قالوا إنها منسوخة بآية
السيف .
الجواب : ما على الرسول إلا البلاغ غير قابل للنسخ لأنه أسلوب خبرى
والأخبار لا تُنسخ قط .
الآية العاشرة :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ "
( المائدة : 105 )
قالوا إنها منسوخة والناسخ لها هو " إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
"
الجواب : عملية النسخ الصحيحة لها ركنان :
الأول : المنسوخ
..
الثانى : الناسخ ..
لكن هؤلاء العباقرة فى هذه الآية يقولون إن
الناسخ والمنسوخ شئ واحد ؟ فالناسخ لالآية هو قوله تعالى " إِذَا اهْتَدَيْتُمْ "
وهكذا قالوا والله العظيم ، ونسألهم هل الشئ الواحد يكون ناسخاً ومنسوخاً
فى نفس الوقت ، ما هذا العلم القدير يا بهاليل .
الآية الحادية عشر
:
" وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا
أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ " ( القصص : 55 ) .
وكعادتهم قالوا إن هذه الآية نُسخت بآية
السيف .
الجواب : هو قول باطل لو كانوا يعلمون فالآية فى نفسها لا تقبل
النسخ أبدا ، لأنها خبر وقد تقدم أن الأخبار لا يجرى عليها النسخ لا شرعاً ولا
عقلاً .
وكذلك فإن ما أسموه آية السيف غير صالحة لنسخ شئ ، لأنها خاصة
بموضوعها وهى آية 29 من سورة التوبة .
ومما يؤخذ عليهم أنهم جهلوا أو
تجاهلوا أن هذه الآية جاءت فى أعقاب آيات تمتدح طائفة من أهل الكتاب أنفسهم وتلك
الآيات هى :
" الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ
يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن
رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم
مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا
لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ " ( القصص : 52 - 55 ) .
ولولا الحقد والحسد والمكابرة لكان
حرياً بهم أن يُسارعوا إلى الإيمان بالحق الذى يُزوّرونه ويطعنون فيه وهذا هو
الخسران المبين .
وادعوا أنها منسوخة وها نحن نتصدى للرد على هذه الفرية بكل موضوعية حتى يتبين الصبح
لذى عينين ، وتقوم الحجة لله على مخالفيه من الناس من أهل الملل والأهواء والنحل
.
الآيات المنسوخة :
الآية الأولى :
" إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ
رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " ( البقرة : 62 )
قالوا إن هذه الآية نسختها الآية الخامسة والثمانون من سورة آل عمران وهى :
" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " ( آل عمران : 85 ) .
الجواب : نأسف لسوء
فهمهم لهاتين الآيتين لأن كلا منهما موضوعها لا صلة له بالسلام أو الحرب ، وهما
تتحدثان عن أمرين طرفهما الأول هو الله والثانى هم الناس ، فكان من حقها أن لا تذكر
فى الناسخ والمنسوخ ومع هذا وقعوا فى ورطة لا مقيل منها إلا الاعتراف بالحق وإعلانه
ثم الإذعان له .
قالوا إن آية البقرة منسوخة بآية آل عمران على أن آية
البقرة آية سلام ؟ وآية آل عمران آية حرب ؟ وهذا – كما علمت – غير صحيح
.
الآية الثانية : قوله تعالى
" وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ
عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ
وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ " ( البقرة : 109 )
قالوا إن هذه الآية ، وهى آية عفو وصفح وسلام
منسوخة بقوله تعالى :
" قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ
وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ
وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى
يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " ( التوبة : 29 )
الجواب
: تحدثنا عن هذه الآية من قبل وبينا أنها تتحدث عن موضوع خاص وهى مقصورة عليه لا
تتعداه إلى غيره ، والخاص لا ينسخ العام عند أهل العلم والتحقيق فلا تناسخ بين
هاتين الآيتين إلا فى أوهام المتوهمين .
الآية الثالثة : قوله تعالى
:
" وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ
تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ " ( البقرة : 190 )
.
قالوا إنها منسوخة بقوله تعالى :
" وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ
كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً " ( التوبة 36 ) .
الجواب لا ناسخ
ولا منسوخ هنا لأن النسخ يكون بين آيتين معناهما مختلف كأن تأمر آية بالقتال وتنهى
آية أخرى عنه .
والآيتان اللتان ذكروهما معناهما واحد ، هو الأمر بقتال من
يقاتلونا فعلاً ، والتناسخ بين المتماثلين باطل عقلاً وشرعاً ، فمال هؤلاء القوم لا
يكادون يفقهون حديثا؟!
الآية الرابعة : قوله تعالى :
" قُلْ
أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ " ( البقرة : 139 )
.
قالوا إن هذه الآية نُسخت بالآية رقم 36 من سورة التوبة وهى :
"
وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً "
الجواب ليس بين الآيتين تناسخ وذلك لأن لكل آية منهما موضوعاً خاصاً لا
يتعارض مع موضوع الأخرى ، فآية البقرة تنكر على المشركين المحاجة فى الله ، وليس
فيها أمر بقتال ولا نهى عنه .
ومعنى الآية : قاتلوا المشركين جميعاً بسبب
أنهم يقاتلونكم جميعا كفوا عدوانهم الواقع عليكم منهم ، معاملة لهم بالمثل فكيف يقع
بينهما تناسخ يا تُرى ؟ هذا محال محال .
الآية الخامسة :
"لاَ
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " ( البقرة : 256 )
.
قاالوا إنها نُسخت بآية السيف ، وهى :
" وَقَاتِلُواْ
الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً " ( التوبة : 36 )
مازال القوم يهرفون بمالا يعرفون فكل آية تبين بوضوح سماحة الإسلام ،
يبحثون عن آية أخرى ويدّعون أنها نسخت آية السلام ، وقد عرفنا من قبل مرات إن قوله
تعالى :
" وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَآفَّةً " ( التوبة : 36 ) .
نزلت فى أمر خاص هو قتال المشركين إذا اعتدوا
علينا . أما آية :
" لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ "
فموضوعها عامل
شامل غير مقيد بزمان ولا بمكان ، ولا بأناس معينين والخاص لا ينسخ الأعم منه أبداً
.
الآية السادسة :
" فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ
لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ
أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ
فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ " ( آل عمران : 20 )
.
قالوا إن هذه الآية نُسخت كذلك بآية السيف :
" وَقَاتِلُواْ
الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً " ( التوبة : 36 )
.
والجواب : وهذا باطل من كل وجه سواء نظرت إلى الآية التى قالوا أنها
منسوخة :
" فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ
اتَّبَعَنِ " ( آل عمران : 20) .
أو نظرت للآية الناسخة على زعمهم
.
فالآية وإن لم تدع للسلام صراحة بل مارست السلام فعلاً لا قولاً لأن الله
أمر رسوله أن يعرض عن رافضى الإيمان ، لأنهم لم يُقاتلوه واكتفوا فقط بمجرد رفض
الإيمان بما بعثه الله به ، لذلك القتال فى حقهم ليس مشروعاً ، لأن الإسلام – كما
تقدم – لا يجعل مجرد الكفر سببا فى القتال وهذا المبدأ الإسلامى باق إلى يوم الدين
، وهذا مبدأ عام .
أما آية السيف التى ذكروها فهى أمر خاص والخاص لا ينسخ
العام كما تقدم مرات .
الآية السابعة :
" أُولَـئِكَ الَّذِينَ
يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ
فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا " ( النساء : 63 ) .
قالوا – كذلك – أن
هذه الاية منسوخة بآية السيف .
الجواب : لما كانت هذه الاية تعلن سماحة
الإسلام خفاقة فى الآفاق ملأت قلوبهم غيظا فادّعوا أنها منسوخة والنسخ هو المحو فى
الظواهر الحسية والمادية ، يُقال : نسخت الشمس الظل يعنى : إزالته ، وفى الأمور
الفكرية العقلية يكون النسخ هو الإبطال ووقف المنسوخ فلا يكون صالحا للعمل به ،
وهذا ما أراده المتسائلون .
وهذه الاية ليست منسوخة بآية السيف ولا بغيرها
وهى تُصوّر موقف الإسلام السمح من طائفة المنافقين الذين يُبطنون الكفر ويُظهرون
الإيمان ولم يُقاتلوا المسلمين قتالاً حسياً مادياً ومن يكن هذا شأنه فلا يجوز
قتاله أبدا وجهادهما يكون باللسان لا بالسنان ، فترك قتالهم لا يحتاج إلى نسخ ، لكن
المتسائلين لعبت بعقولهم الأهواء ليُبتوا أن الإسلام ليس دين سماحة ، فهيهات هيهات
لما يزعمون وكما جاء فى المثل " حبك الشئ يعمى ويصم "
فإن حبهم لإدانة
الإسلام بالإرهاب أذهبهم عقولهم وأعمى أبصارهم وبصائرهم وجعلهم يقولون ما يثير
الضحك عليهم من الأعماق .
الآية الثامنة :
" فَبِمَا نَقْضِهِم
مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ
الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ
تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ
عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " ( المائدة : 13 )
قالوا إن هذه الآية منسوخة بالآية 29 من سورة التوبة وهى :
"
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ
صَاغِرُونَ " ( التوبة : 29 ) .
الجواب : فى اختراع الناسخ والمنسوخ تراهم
يلفون ويدورون وهم فى مكان واحد ، غير ناظرين فى ما يقولون أصواب هو أم خطأ
؟
إنهم عندما تقع أعينهم على آية فيها عفو وصفح يُسارعون فى البحث عن آية
يدّعون أنها نسخت آية الصفح والسماحة وهذه الآية كما تُحدث عن معاملة اليهود
بالحسنى مع قبح جرائمهم سارعوا وقالوا إنها منسوخة بآية " 29 " من سورة التوبة وقد
قلنا مرات من قبل إن آية 29 من سورة التوبة نزلت فى واقعة مخصوصة بالزمان والمكان
والموضوع ، وأنها بهذه الأوصاف لا تكون ناسخة لشئ غيرها من الآيات .
الآية
التاسعة :
" مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا
تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ " ( المائدة : 99 )
قالوا إنها منسوخة بآية
السيف .
الجواب : ما على الرسول إلا البلاغ غير قابل للنسخ لأنه أسلوب خبرى
والأخبار لا تُنسخ قط .
الآية العاشرة :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ "
( المائدة : 105 )
قالوا إنها منسوخة والناسخ لها هو " إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
"
الجواب : عملية النسخ الصحيحة لها ركنان :
الأول : المنسوخ
..
الثانى : الناسخ ..
لكن هؤلاء العباقرة فى هذه الآية يقولون إن
الناسخ والمنسوخ شئ واحد ؟ فالناسخ لالآية هو قوله تعالى " إِذَا اهْتَدَيْتُمْ "
وهكذا قالوا والله العظيم ، ونسألهم هل الشئ الواحد يكون ناسخاً ومنسوخاً
فى نفس الوقت ، ما هذا العلم القدير يا بهاليل .
الآية الحادية عشر
:
" وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا
أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ " ( القصص : 55 ) .
وكعادتهم قالوا إن هذه الآية نُسخت بآية
السيف .
الجواب : هو قول باطل لو كانوا يعلمون فالآية فى نفسها لا تقبل
النسخ أبدا ، لأنها خبر وقد تقدم أن الأخبار لا يجرى عليها النسخ لا شرعاً ولا
عقلاً .
وكذلك فإن ما أسموه آية السيف غير صالحة لنسخ شئ ، لأنها خاصة
بموضوعها وهى آية 29 من سورة التوبة .
ومما يؤخذ عليهم أنهم جهلوا أو
تجاهلوا أن هذه الآية جاءت فى أعقاب آيات تمتدح طائفة من أهل الكتاب أنفسهم وتلك
الآيات هى :
" الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ
يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن
رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم
مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا
لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ " ( القصص : 52 - 55 ) .
ولولا الحقد والحسد والمكابرة لكان
حرياً بهم أن يُسارعوا إلى الإيمان بالحق الذى يُزوّرونه ويطعنون فيه وهذا هو
الخسران المبين .
عدل سابقا من قبل في الإثنين نوفمبر 19, 2007 10:20 am عدل 1 مرات