بسم الله الرحمنالرحيم |
هل العهد القديم كلمة الله ؟ التحريف في التوراة |
تحدث القرآن الكريم عن تحريف التوراة في آيات كريمة منها قول الله تعالى {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون } (آل عمران:71)، ويقول { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} (النساء:46)، { وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } (البقرة:75). وعن تحريفهم بالنقص يقول { قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً } (الأنعام:91)، { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} (البقرة:174)، ويقول: { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب } (المائدة:15). و عن تحريفهم بالزيادة والكذب على الله يقول: { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون} (البقرة:79) وقال: { وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} (آل عمران:78) فالتحريف إذاً يكون بالنقص والزيادة، وكل ذلك وقع في التوراة كما سنرى. وقبل أن نلج لعرض بعض صور التحريف يستوقفنا سؤال يطرحه النصارى دائماً : هل من الممكن أن يحرف كلام الله؟ وكيف أذن الله بهذا التحريف؟ ونقول: الكتاب المقدس يتحدث عن إمكانية تحريفه، ويذكر لنا -كما سيمر معنا شهادة الأنبياء على تحريفه -، فلو كان الكتاب غير ممكن التحريف لما كان لآخر فقرة وردت فيه أي معنى "لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة " (الرؤيا 22/18-19)، فهذه الفقرة تحذر من تحريف الكتاب وتتوعد فاعله، فدل ذلك على أنه ممكن الحدوث. ويتنبأ النبي عاموس بفقد كلمة الرب ، فيقول: "هوذا أيام تأتي، يقول السيد الرب: أرسل جوعاً في الأرض، لا جوعاً للخبز، ولا عطشاً للماء، بل لاستماع كلمات الرب، فيجولون من بحر إلى بحر، ومن الشمال إلى المشرق، يتطوّحون ليطلبوا كلمة الرب، فلا يجدونها " (عاموس 8/11- 12). وأما قولهم كيف يسمح الله بحدوث ذلك، فإن القائل نسي سنة الله في الكافرين والمارقين، وقد سمح لهم- وفق مشيئته وقدره- بسبّه والكفر به وعصيان أوامره، ومثله تحريف كتابه الذي أمر بني إسرائيل بحفظه فأضاعوه وحرفوه، كما صنعوا بكل شرائعه. تحريف النقص ومن صور التحريف بالنقص تلك الإحالات الإنجيلية إلى التوراة والتي لا نجدها في الأسفار الموجودة بين أيدينا ومن ذلك ما جاء في متى " ثم أتى وسكن في بلد تسمى ناصرة، ليكمل قول الأنبياء : أنه سيدعى ناصرياً " ( متى 2/23 ). ولا يوجد ذلك في شيء من التوراة. قال ممفرد الكاثوليكي في كتابه " سؤالات السؤال " : "الكتب التي كان فيها هذا انمحت، لأن كتب الأنبياء الموجودة الآن لا يوجد في واحد منها أن عيسى يدعى ناصرياً ". ومن صور النقص ما جاء في سفر التثنية "فإن كان المذنب مستوجب الضرب يطرحه القاضي ويجلدونه أمامه، على قدر ذنبه، بالعدد أربعين يجلده، لا يزد لئلا إذا زاد في جلده على هذه ضربات كثيرة يحتقر أخوك في عينيك، (بياض)، لا تَكُمَّ الثور في دراسه، (ثم ينتقل النص لموضوع آخر) إذا سكن إخوة معاً ومات واحد منهم" (التثنية 25/2-5)، فثمة نقص واضح في المعنى استعاض ناسخو الكتاب عنه بترك بياض، للدلالة على وجود سقط في النص. ومثله سقط من النص المصير الذي آلت إليه بهائم المصريين الذين لم يهربوا بمواشيهم وعبيدهم خوفاً من كلمة الرب ووعيده "فالذي خاف كلمة الرب من عبيد فرعون هرب بعبيده ومواشيه إلى البيوت، وأما الذي لم يوجّه قلبه إلى كلمة الرب فترك عبيده ومواشيه في الحقل، ثم قال الرب لموسى" (الخروج 9/20-22)، فقد سقط ذكر العقوبة، وانتقل النص للحديث في موضوع جديد. ومن النقص ما تضع بعض التراجم والنسخ نجوماً بدلاً منه، منها النسخة العربية لدار الكتاب المقدس التي اعتمدناها في هذه السلسلة. منها: نقص سفر صموئيل في بيان جزاء بني إسرائيل إن استقاموا على عبادة الله، ففيه أن صموئيل قال: "إن اتقيتم الرب وعبدتموه وسمعتم صوته، ولم تعصوا قول الرب، وكنتم أنتم والملك أيضاً الذي يملك عليكم وراء الرب إلهكم ***** (هكذا في المطبوع)، وإن لم تسمعوا صوت الرب بل عصيتم قول الرب تكن يد الرب عليكم" (صموئيل (1) 12/14-15). وتتكرر النجوم مرة أخرى في سفر صموئيل الثاني مشيرة إلى وجود سقط في تمام حديث داود عن العرج والعمي، فيقول السفر: "قال داود في ذلك اليوم: إن الذي يضرب اليبوسيين ويبلغ إلى القناة والعرج والعمي المبغضين من نفس داود ***** (هكذا في المطبوع) لذلك يقولون: لا يدخل البيت أعمى أو أعرج" (صموئيل (2) 5/. ونحوه سقط بعض النص في سفر حزقيال في وصف الزانية وبيان حالها، واستعيض عنه بالنجوم "فقلت عن البالية في الزنا: الآن يزنون زنى معها، وهي*** (هكذا في المطبوع)، فدخلوا عليها كما يدخل على امرأة زانية" (حزقيال 22/43). ومثله وقع النقص في رسالة ملك أرام إلى ملك إسرائيل "فأتى بالكتاب إلى ملك إسرائيل يقول فيه ****** ، فالآن عند وصول هذا الكتاب إليك هوذا قد أرسلت إليك نعمان عبدي، فاشفه من برصه" (الملوك (2) 5/6). كما وقع النص في رسالة أخرى، وهي رسالة ياهو، حيث جاء في سفر الملوك "فكتب ياهو رسائل وأرسلها إلى السامرة، إلى رؤساء يزرعيل الشيوخ وإلى مربّي آخآب قائلاً: ******، فالآن عند وصول هذه الرسالة إليكم " (الملوك (2) 10/1-2). وفي سفر الأيام الأول يفجأنا نقص آخر عوضه كتبة الكتاب المقدس بنجوم أثبتوا من خلالها ضياع بعض كلمات الناموس، إذ يقول: "وبنو عزرة يثر ومرد وعافر ويالون ******، وحبلت بمريم وشماي ويشبح أبي اشتموع" (الأيام (1) 4/17)، فيا ترى كم سقط من أبناء عزرة، ومن هم الذين تحدث عنهم النص قبل أن يعود لتلك التي سقط اسمها، والتي حبلت بمريم؟ كما وقع النقص في خاتمة الإصحاح السادس من سفر زكريا، ولم يجد طابعو الكتاب المقدس ما يكملون به الجملة إلا أربعة من النجوم ختموا بها هذا الإصحاح "والبعيدون يأتون ويبنون في هيكل الرب، فتعلمون أن رب الجنود أرسلني إليكم، ويكون إذا سمعتم سمعاً صوت الرب إلهكم ****" (زكريا 6/15). ولرؤية المزيد من مواضع السقط في أسفار العهد القديم، والتي لم تنجح في إكمالها آلاف المخطوطات التي يتباهى بكثرتها النصارى، لكنها لم تكن كافية في إبلاغنا النصوص التوراتية بتمامها، أقول: لرؤية المزيد مما استعاض عنه طابعو الكتاب المقدس بالنجوم تارة وبترك بياض تارة أخرى ندعو للتأمل في (الأيام (2) 36/23)، و(عزرا 1/3) ، و(عزرا 6/5-6)، وغيرها من المواطن. ومن صور التحريف بالنقص تلك الأسفار الضائعة وثمة أسفار توراتية ضاعت واندرس خبرها ، وشهد لضياعها أسفار العهد القديم الموجودة في الكتاب المقدس. منها : سفر حروب الرب "لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية أرنون" ( العدد 21/4 ). وسفر ياشر " أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر. فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل." ( يشوع 10/13 )، وفي موضع آخر: "أن يتعلم بنو يهوذا نشيد القوس، هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر" (صموئيل (2) 1/18). وكذا سفر أخبار صموئيل الرائي، وسفر أخبار ناثان النبي، وأخبار جاد الرائي الذين ذكروا في سفر الأيام حيث يقول: "وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي" ( الأيام (1) 29/29 ). ومن الأسفار الضائعة سفر أخبار شمعيا النبي، وسفر عدوَ الرائي المذكوران في سفر الأيام " أمور رحبعام الأولى والأخيرة أما هي مكتوبة في أخبار شمعيا النبي وعدّو الرائي " ( الأيام (2) 12/15). ومن الضائع أيضاً سفر أخبار النبي أخيا الشيلوني " هي مكتوبة في أخبار ناثان النبي وفي نبوّة أخيا الشيلوني وفي رؤى يعدو الرائي " ( الأيام (2) 9/29 ) وسوى ذلك من الأسفار المفقودة بشهادة التوراة الموجودة بين يدي النصارى. يقول آدم كلارك: " حصل لقلوب العلماء قلق عظيم لأجل فقدان تاريخ المخلوقات ( سفر مفقود ذكر في ملوك (1) 4/32 - 13 ) فقداناً أبدياً ". ومن الأسفار التي نفتقدها في العهد القديم سفر أخنوخ الذي استشهد به يهوذا في رسالته، فقال: "وتنبأ عن هؤلاء أيضاً أخنوخ السابع من آدم قائلاً: هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه، ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار" (يهوذا 1/14). وهذا السفر موجود بالفعل، واقتباس يهوذا منه موجود في (أخنوخ 1/9)كما نقل محررو قاموس الكتاب المقدس، لكن آباء الكنائس النصرانية اعتبروه سفراً مزيفاً غير قانوني، ولم يشفع له استشهاد يهوذا والآباء الأوائل للكنيسة به، يقول محررو قاموس الكتاب المقدس عن هذا السفر: "سفر من الأسفار غير القانونية.. والكتاب مليء بأخبار الرؤى عن المسيّا المنتظر والدينونة الأخيرة وملكوت المجد..، وقد اقتبس بعض الآباء الأوائل في العصور المسيحية الأولى بعض أقوال هذا السفر...ولكن قادة المسيحيين فيما بعد أنكروا هذا الكتاب ورفضوه.." (قاموس الكتاب المقدس، ص 32). يقول طامس أنكلس الكاثوليكي: " اتفاق العالم على أن الكتب المفقودة من الكتب المقدسة ليست بأقل من عشرين ". التحريف بالزيادة ومن التحريف بالزيادة تلك المواضع التي أضيفت في الأسفار، ونسبت للأنبياء، وقد تضمنت معلومات كانت بعدهم، كما سبق بيانه، ومنه تلك الأخبار الملفقة عن الله ورسله مما ذكرناه من قبل. ومن صور تحريف الزيادة ذكرهم اسم إسحاق في قصة الذبيح، بدلاً من إسماعيل، فقد أمر الله إبراهيم بذبح ابنه الوحيد " خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق " ( التكوين 22/2). وكانت التوراة قد صرحت بأن إسماعيل أكبر أبناء إبراهيم، وأنه ولد قبل إسحاق بأربع عشرة سنة "كان أبرام ابن ستٍّ وثمانين سنةً لمّا ولدت هاجر إسماعيل لأبرام" (التكوين 16/16). "وكان إبراهيم ابن مائة سنةٍ حين ولد له إسحاق ابنه" (التكوين 21/5). لكن النصارى يزعمون أن إسماعيل لا يصلح أن يحسب ابناً لإبراهيم لأنه ابن جارية، ويتناسون أنه ابن شرعي حقيقي، كما في التوراة نفسها "فأخذت ساراي امرأة أبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة أبرام في أرض كنعان، وأعطتها لأبرام رجلها زوجةً له. فدخل على هاجر فحبلت.." (التكوين 16/31-4). وفي مكان آخر من السفر " ولدت هاجر لأبرام ابناً. ودعا أبرام اسم ابنه الّذي ولدته هاجر: إسماعيل" (التكوين 16/15-16). وعندما غارت سارة من هاجر: "فقالت لإبراهيم: "اطرد هذه الجارية وابنها لأنّ ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق. فقبح الكلام جدّاً في عيني إبراهيم لسبب ابنه (أي إسماعيل). فقال الله لإبراهيم: لا يقبح في عينيك من أجل الغلام ومن أجل جاريتك". (التكوين 21/10-12). ويثبت له البنوة مرة أخرى، فيقول: "ودفنه إسحق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفيلة" (التكوين 25/7). والعجيب أن التوراة لم تقل أبداً إن إسماعيل ابن غير شرعي لإبراهيم، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلاً، فآثرت أن تزوجه بهاجر: "ادخل على جاريتي لعلّي أرزق منها بنين، فسمع أبرام لقول ساراي" (التكوين 16/1-4 )، "فولدت هاجر لأبرام ابناً. ودعا أبرام اسم ابنه الّذي ولدته هاجر إسماعيل" (التكوين 16/15-16). ثم كيف يدعي المؤمنون بالكتاب المقدس أن الله أمره بذبح إسحاق، وقد وعده أن يريه ذريته التي لم تولد بعد، فهو يعلم أن ابنه لن يموت ولن يذبح، لأنه سيكبر وستكون له ذرية كما وعده الله قبل أن يولد إسحاق "في كلّ ما تقول لك سارة اسمع لقولها، لأنّه بإسحاق يدعى لك نسلٌ" (التكوين 21/12-13). فقوله: " خذ ابنك وحيدك " حق، وكلمة " إسحاق " زيادة ولبسٌ للحق بالباطل، ويشهد للتبديل قوله: " لم تمسك ابنك وحيدك عني " ( التكوين 22/12، 16 )، ولم يذكر فيه اسم إسحاق. تحريف المترجمين ولمترجمي الكتاب المقدس نصيبهم من التحريف الذي أضحى سمة لكل أولئك المؤتمنين على الكتاب المقدس، حيث يتلاعب هؤلاء بالنصوص وهم يقومون بترجمتها، من صور هذا النوع من التحريف الصور التي نعرضها والتي توضح مقدار الحرية التي تعامل بها المترجمون مع النصوص التوراتية، إذ النص العربي يذكر اشتقاقات عربية لا يصح أن تكون في كتاب أصل لغته العبرية. ومن ذلك: يقول سفر التكوين: " وولدت له قايين، وقالت: اقتنيت رجلاً من عند الرب "( التكوين 4/1) فكلمة " قايين" كما في قاموس الكتاب المقدس معناها: “ حداد “. فالمناسبة معدومة بين الاقتناء أو الشراء، واسم قايين الذي يعني: حداد. ومثله قوله: “ دعي اسمها بابل، لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض " ( التكوين 11/9 ). وهي في العبري " باب ايل " بمعنى : " بوابة الرب " كما في قاموس الكتاب المقدس، وعليه فليس من مناسبة بين اسم بابل والبلبلة التي تذكرها التوراة، فالمناسبة غير متحققة في للغة العبرية التي كتب بها الكتاب المقدس. ومن الصور التي أبقاها المترجمون على حالها فكان فعلهم صحيحاً خالياً من التحريف، قوله: "وقال لابان : هذه الرجمة شاهدة بيني وبينك اليوم لذلك دعي اسمها جلعيد " ( التكوين 31/48)، وكلمة جلعيد كما يفيد قاموس الكتاب المقدس كلمة عبرانية معناها " رجمة الشهادة ". |
التحريف في التوراة
starspole- المشرف العام للمنتدى
- المساهمات : 358
تاريخ التسجيل : 11/11/2007
- مساهمة رقم 1
التحريف في التوراة
starspole- المشرف العام للمنتدى
- المساهمات : 358
تاريخ التسجيل : 11/11/2007
- مساهمة رقم 2
رد: التحريف في التوراة
الكتب تتهم بني إسرائيل بالتحريف
ثم ها هي التوراة وأسفارها تتهم القوم بتحريف التوراة، فحين كان بنو إسرائيل في بابل بدأ عزرا الكاتب في كتابة الأسفار الضائعة، والتي غابت عن بني إسرائيل طويلاً ، لكن النبي إرميا ، وهو أحد عظم أنبياء السبي رفض هذه الكتابة، وبالغ في التحذير من التحريف والكذب الذين ينسبان لوحي الله، وقد وقع ذلك منه في نصوص كثيرة، منها : قوله: " قد سمعت ما قالته الأنبياء الذين تنبؤوا باسمي بالكذب قائلين : حلُمتُ، حلُمتُ " ( إرميا 23/25 ).
ويقول: " كيف تقولون : نحن حكماء، شريعة الرب معنا حقاً، إنه إلى الكذب، حَّولها قلم الكتبة الكاذب " ( إرميا 8/8 ).
ويؤكد وقوع التحريف، فيقول: " أما وحي الرب فلا تذكروه بعد. إذ قد حرفتم كلام الله الحي " (إرميا 23/36).
ومثله وقع التحريف في سفره " فأخذ إرمياء درجاً آخر، ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب، فكتب فيه عن فم إرميا كل كلام السفر الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار، وزيد عليه أيضاً كلام كثير مثله " ( إرميا 36/32 ) ولم يذكر السفر من الذي زاد على قول إرمياء النبي.
كما تحدث إرميا عن أولئك الذين يدعون النبوة ويسطرون نبوءاتهم ومناماتهم في الكتاب: "قال رب الجنود إله إسرائيل : لا تغشكم أنبياؤكم الذين في وسطكم وعرافوكم، ولا تسمعوا لأحلامهم التي يتحلمونها، لأنهم يتنبؤون لكم باسمي الكذب، أنا لم أرسلهم يقول الرب " (إرميا 29/8 - 9).
ويواصل إرميا الحديث عن أولئك الذين رآهم يكتبون الكتب وينسبونها لله، فيقول: " وصار في الأرض دَهَش وقشعريرة، الأنبياء يتنبئون بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب " ( إرميا 5/30 - 31 ). لقد تمالأ الجميع على هذا التحريف، الأنبياء الكذبة والكهنة والشعب اليهودي.
وجاء في المزامير شهادة أخرى تتحدث عن تحريف بني إسرائيل للكتب " ماذا يصنع بي البشر، اليوم كله يحرفون كلامي " (المزمور 56/4 - 5 ).
ويقول النبي أشعيا: " ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب، فتصير أعمالهم في الظلمة، ويقولون : من يبصرنا، ومن يعرفنا ؟ : يالتحريفكم " ( أشعيا 29/15 – 16 ).
وفي حزقيال " القائلون : وحي الرب. والرب لم يرسلهم.. وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين: وحي الرب. وأنا لم أتكلم " ( حزقيال 13/6 - 7 ).
وهكذا تعرض التوراة نوعين من التحريف : تحريف الكتبة الذين يدعون الوحي، وتحريف بني إسرائيل وهم يحرفون كلام الله الذي جاء على لسان أنبيائه.
لقد حصل ما توقعه موسى عليه السلام حين قال : " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم..لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق " ( التثنية 31/24 - 29 ).
اعترافات بوقوع التحريف
ويعترف كبار المراجع النصرانية بوقوع التحريف والزيادة المستمرة حيث تقول لجنة الكتاب المقدس البابوية في مدخلها سنة 1948م: " يوجد ازدياد تدريجي في الشرائع الموسوية سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية ".
ويقول كيرت: " الكتاب المقدس المتناول حالياً لا يحتوي على التوراة والإنجيل المنزلين من الله، ولقد اعترف علماء باحثون باللمسات البشرية في إعداد هذا الكتاب المقدس ".
ويقول جيمس جيستنج: " ومع هذا فإننا نتوقع أن نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الأجزاء من التوراة والإنجيل الأصليين، مما يتحتم معه دراسة جادة لكي تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهوماً".
ونختم بنقل ما قاله الناقد اليهودي الشهير اسبينوزا عن تحريف الأسفار التوراتية، حيث يقول : "لا يسلم معظم المفسرين بوقوع أي تحريف في النص ، حتى في الأجزاء الأخرى . ويقررون أن الله بعناية فريدة قد حفظ التوراة كلها من أي ضياع .
أما اختلاف القراءات فهو في نظرهم علامة على أسرار في غاية العمق ، ويتناقشون بشأن النجوم الثمانية والعشرين الموجودة وسط إحدى الفقرات ، بل تبدو أشكال الحروف ذاتها ، وكأنها تحتوي على أسرار كبيرة ، ولست أدري إن كان ذلك ناجماً عن اختلال العقل ، وعن نوع من تقوى العجائز المخرفين ، أم أنهم قالوا ذلك بدافع الغرور والخبث، حتى نعتقد أنهم وحدهم هم الأمناء على أسرار الله ، ولكني أعلم فقط أني لم أجد مطلقاً أي شيء عليه سيما السر في كتبهم ، ولم أجد فيها إلا أعمالاً صبيانية ".
ثم ها هي التوراة وأسفارها تتهم القوم بتحريف التوراة، فحين كان بنو إسرائيل في بابل بدأ عزرا الكاتب في كتابة الأسفار الضائعة، والتي غابت عن بني إسرائيل طويلاً ، لكن النبي إرميا ، وهو أحد عظم أنبياء السبي رفض هذه الكتابة، وبالغ في التحذير من التحريف والكذب الذين ينسبان لوحي الله، وقد وقع ذلك منه في نصوص كثيرة، منها : قوله: " قد سمعت ما قالته الأنبياء الذين تنبؤوا باسمي بالكذب قائلين : حلُمتُ، حلُمتُ " ( إرميا 23/25 ).
ويقول: " كيف تقولون : نحن حكماء، شريعة الرب معنا حقاً، إنه إلى الكذب، حَّولها قلم الكتبة الكاذب " ( إرميا 8/8 ).
ويؤكد وقوع التحريف، فيقول: " أما وحي الرب فلا تذكروه بعد. إذ قد حرفتم كلام الله الحي " (إرميا 23/36).
ومثله وقع التحريف في سفره " فأخذ إرمياء درجاً آخر، ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب، فكتب فيه عن فم إرميا كل كلام السفر الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار، وزيد عليه أيضاً كلام كثير مثله " ( إرميا 36/32 ) ولم يذكر السفر من الذي زاد على قول إرمياء النبي.
كما تحدث إرميا عن أولئك الذين يدعون النبوة ويسطرون نبوءاتهم ومناماتهم في الكتاب: "قال رب الجنود إله إسرائيل : لا تغشكم أنبياؤكم الذين في وسطكم وعرافوكم، ولا تسمعوا لأحلامهم التي يتحلمونها، لأنهم يتنبؤون لكم باسمي الكذب، أنا لم أرسلهم يقول الرب " (إرميا 29/8 - 9).
ويواصل إرميا الحديث عن أولئك الذين رآهم يكتبون الكتب وينسبونها لله، فيقول: " وصار في الأرض دَهَش وقشعريرة، الأنبياء يتنبئون بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب " ( إرميا 5/30 - 31 ). لقد تمالأ الجميع على هذا التحريف، الأنبياء الكذبة والكهنة والشعب اليهودي.
وجاء في المزامير شهادة أخرى تتحدث عن تحريف بني إسرائيل للكتب " ماذا يصنع بي البشر، اليوم كله يحرفون كلامي " (المزمور 56/4 - 5 ).
ويقول النبي أشعيا: " ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب، فتصير أعمالهم في الظلمة، ويقولون : من يبصرنا، ومن يعرفنا ؟ : يالتحريفكم " ( أشعيا 29/15 – 16 ).
وفي حزقيال " القائلون : وحي الرب. والرب لم يرسلهم.. وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين: وحي الرب. وأنا لم أتكلم " ( حزقيال 13/6 - 7 ).
وهكذا تعرض التوراة نوعين من التحريف : تحريف الكتبة الذين يدعون الوحي، وتحريف بني إسرائيل وهم يحرفون كلام الله الذي جاء على لسان أنبيائه.
لقد حصل ما توقعه موسى عليه السلام حين قال : " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم..لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق " ( التثنية 31/24 - 29 ).
اعترافات بوقوع التحريف
ويعترف كبار المراجع النصرانية بوقوع التحريف والزيادة المستمرة حيث تقول لجنة الكتاب المقدس البابوية في مدخلها سنة 1948م: " يوجد ازدياد تدريجي في الشرائع الموسوية سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية ".
ويقول كيرت: " الكتاب المقدس المتناول حالياً لا يحتوي على التوراة والإنجيل المنزلين من الله، ولقد اعترف علماء باحثون باللمسات البشرية في إعداد هذا الكتاب المقدس ".
ويقول جيمس جيستنج: " ومع هذا فإننا نتوقع أن نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الأجزاء من التوراة والإنجيل الأصليين، مما يتحتم معه دراسة جادة لكي تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهوماً".
ونختم بنقل ما قاله الناقد اليهودي الشهير اسبينوزا عن تحريف الأسفار التوراتية، حيث يقول : "لا يسلم معظم المفسرين بوقوع أي تحريف في النص ، حتى في الأجزاء الأخرى . ويقررون أن الله بعناية فريدة قد حفظ التوراة كلها من أي ضياع .
أما اختلاف القراءات فهو في نظرهم علامة على أسرار في غاية العمق ، ويتناقشون بشأن النجوم الثمانية والعشرين الموجودة وسط إحدى الفقرات ، بل تبدو أشكال الحروف ذاتها ، وكأنها تحتوي على أسرار كبيرة ، ولست أدري إن كان ذلك ناجماً عن اختلال العقل ، وعن نوع من تقوى العجائز المخرفين ، أم أنهم قالوا ذلك بدافع الغرور والخبث، حتى نعتقد أنهم وحدهم هم الأمناء على أسرار الله ، ولكني أعلم فقط أني لم أجد مطلقاً أي شيء عليه سيما السر في كتبهم ، ولم أجد فيها إلا أعمالاً صبيانية ".