العواصم من القواصم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم - السنة المطهرة - السيرة النبوية - الفرق و المذاهب - مناقشة القضايا المعاصرة


    دور مارقيون في تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس

    starspole
    starspole
    المشرف العام للمنتدى
    المشرف العام للمنتدى


    المساهمات : 358
    تاريخ التسجيل : 11/11/2007

    دور مارقيون في تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس Empty دور مارقيون في تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس

    مُساهمة من طرف starspole الإثنين نوفمبر 19, 2007 11:08 am

    دور
    مارقيون في تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس




    الدكتور بارت إيرمان



    يمكننا تتبع أثر تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس
    المسيحي حتى الآن عن كثب من خلال ما بين أيدينا من دليل .


    ففي الوقت ذاته الذي كان يكتب فيه جوستينوس ، أي في منتصف القرن
    الثاني ، كان ثمة كاتبٌ مسيحيّ بارزٌ آخر يمارس نشاطه داخل روما ، وهو الفيلسوف
    المعلم مرقيون ، الذي حكم عليه فيما بعد بالهرطقة (12)


    . مرقيون كان شخصية مثيرة للاهتمام للعديد من الأسباب .

    فهو كان قد جاء إلى روما من آسيا
    الصغرى ،


    وكان بالفعل قد كوَّن ثروة مما كان
    واضحًا أنه أعمال متعلقة ببناء السفن . عند وصوله إلى روما ، تبرع للكنيسة في
    روما بمبلغ طائل ،ربما لكي يحصل ، إلى حدٍ ما ، على عونها الكريم .


    وقد ظلَّ في روما لخمس سنوات ، منفقا
    كثيرا من وقته في نشر مفهومه عن الإيمان المسيحي وفي كتابة تفاصيل هذا الإيمان في
    العديد من الكتابات.


    لم يكن عمله الأكثر تأثيرا هو شئ قام
    بكتابته ،بل شئ قام بتعديله. لقد كان مرقيون هو أول مسيحيٍّ، فيما نعلم، قام بتشكيل
    "قانون" فعليٍّ للكتاب المقدس ـ

    أي مجموعة من
    الكتب التي ،كما زعم ، تضم النصوص المقدسة النافعة للإيمان .


    لكي نفهم هذه المحاولة الأولى لتشكيل قائمة
    رسمية للكتاب المقدس ، نحتاج إلى أن نعرف قليلا من المعلومات حول تعاليم مرقيون
    الفريدة .


    لقد كان مرقيون مأخوذًا تمامًا بحياة وتعاليم الرسول
    بولس ،الذي كان يعتبره الرسول الوحيد "الحقيقيَّ"
    من الأيام الأولى للكنيسة.


    في بعض رسائله ، مثل الرسائل إلى أهل رومية و
    أهل غلاطية ، كانت تعاليم بولس تنص على أن المنزلة الطيبة أمام الله تأتي فقط من
    الإيمان بالمسيح ،


    وليس بأداء أيٍٍّ من الأعمال التي
    فرضتها الشريعة اليهودية
    .

    التقط مرقيون هذا الاختلاف بين شريعة
    اليهود و بين الإيمان بالمسيح ليصل به إلى ما رأى


    أنه نتيجة ذلك
    المنطقية
    ،


    وهي أنَّ هناك تمايزًا تامًّا بين الشريعة
    من ناحية وبين الإنجيل من الناحية الأخرى.


    لقد كانت الشريعة مختلفة تمام الاختلاف
    عن الإنجيل ،في الحقيقة ، إلى درجة جعلت من المستحيل أن يكونا كلاهما قد جاءا من
    الإله ذاته .


    استنتج مرقيون
    أن رب يسوع (وبولس) لم يكن ،لهذا السبب ،الإله ذاته الذي أوحى العهد القديم
    .


    لقد كان ثمة ،في الواقع، إلهان اثنان مختلفان:


    إله اليهود ، الذي خلق العالم ، ودعا
    إسرائيل ليكونوا شعبه المختار ، وأنزل إليهم قانونه القاسي ؛


    وإله يسوع ،الذي أرسل المسيح إلى العالم لينقذ بني البشر من
    الانتقام القاسي لرب اليهود الخالق
    .

    آمن مرقيون بأن هذا المفهوم عن يسوع هو ما بشَّر به بولس
    نفسُه ،وهكذا ، ضمَّت قائمتُه الرسمية للكتاب المقدس الرسائلَ العشرَ التي كتبها
    بولس


    وهي التي كانت متاحة له ( هذه الرسائل
    كلها موجودة في العهد الجديد ما عدا الرسائل الرعوية، وهي الرسالتان الأولى
    والثانية إلى تيموثي وتيطس)؛


    ولأنَّ بولس كان أحيانًا يشير إلى
    "إنجيله"، فقد ضمَّ مرقيون إنجيلا

    (Gospel) إلى قائمته ،


    وهو شكل من إنجيل لوقا المعروف لنا الآن
    . وهذا كل ما في الأمر .




    لقد تكونت قائمة مرقيون من أحد عشر كتابا

    : لم يكن ثمة عهدٌ قديمٌ ،بل كتابٌ مقدسٌ واحدٌ فحسب ، مضافا إليه عشر
    رسائل


    . ليس ذلك فحسب :
    بل كان مرقيون يعتقد أن المؤمنين الكاذبين ، أي الذين لم يكونوا يشاطرونه مفهومه
    الخاص عن الإيمان ،



    قد نقلوا هذه الأحد عشر كتابا عبر نسخها و
    إضافة أجزاء من هنا ومن هنالك لكي تتماشى مع معتقداتهم الخاصة التي من بينها
    مفهومهم "الباطل"


    عن كون إله العهد القديم هو أيضا إله
    يسوع


    . وهكذا "صحَّح" مرقيون الكتب الأحد عشر التي تضمنتها
    قائمته عبر حذف الإشارات إلى إله العهد القديم ،


    أو إلى الخلق باعتباره عمل الإله الحق
    ، أو إلى الشريعة باعتبارها شئ ينبغي الالتزام به
    .

    كما سنرى ، محاولة مرقيون لجعل نصوصه المقدسة
    تتوائم بشكل أكثر إحكاما مع تعاليمه عبر تحريفها
    لم تكن بالأمر الجديد .


    فقبله وبعده على حدٍ سواء ، حرَّف نساخ
    الأدب المسيحي المبكر من وقت لآخر نصوصهم ليجعلوها تقول ما يعتقدون أنها بالفعل
    تعنيه
    .


    القائمة "الأرثوذكسية
    " بعد عصر مرقيون



    يعتقد كثير من العلماء أن المسيحيين
    الآخرين أصبحوا أكثر اهتماما بوضع تصور لما يفترض أن يصبح قائمةً لأسفار العهد
    الجديد كشكل من أشكال المقاومة لمرقيون تحديدا.


    من الطريف أنه في العصر الذي عاش فيه
    مرقيون ،كان جوستينوس يمكنه الكلام بطريقة أكثر غموضا عن " مذكرات الرسل
    "بدون الإشارة إلى أيٍّ هذه الكتب ( أو ربما الأناجيل ) كان مقبولا في
    الكنائس ولماذا ، في حين اتخذ كاتبٌ مسيحيٌّ آخرُ، عارض مرقيون أيضًا ،


    بعد ذلك بحوالي ثلاثين عاما موقفا أكثر مَيْلا
    للجزم والتأكيد . إنه إيريناوس، أسقف ليون في بلاد الغال (فرنسا في العصر الحديث
    )،الذي كتب عملا من خمس مجلدات ضد الهراطقة من أمثال مرقيون والغنوصيين ،


    و كانت لديه أفكارٌ شديدةُ الوضوح فيما
    يتعلق بأيِّ الكتب ينبغي أن يعتبر من بين الأناجيل القانونية . في فقرة يكثر
    اقتباسها من مؤلَّفه ضد الهراقطة ،


    يقول إيريناوس إن مرقيون لم يكن وحده
    فحسب الذي افترض بالباطل أن هذا الإنجيل أو ذاك فقط من بين الأناجيل هو المستحق
    لأن يقبل باعتباره كتابا مقدسا ،


    بل كان معه أيضا "هراطقة" آخرون
    ، :


    فالمسيحيون
    المتهوِّدون
    الذين تمسكوا بالصلاحية المتواصلة للشريعة
    استخدموا متى وحده ؛


    بعض المجموعات الذين زعموا أن يسوع ليس
    هو المسيح في الحقيقة قبلوا إنجيل مرقس فحسب ؛


    مرقيون وأتباعه قبلوا فقط (شكلا من )
    لوقا ؛ ومجموعة من الغنوصيين سموا بال"فلانتينيين "قبلوا إنجيل يوحنا
    فحسب . هؤلاء جميعًا كانوا مخطئين ، مع ذلك، لأنه ليس من الممكن أن تكون
    الأناجيل أكثر أو أقل عددًا مما هي عليه حيث إن المناطق التي نعيش فيها في
    العالم هي أربع مناطق ، والرياح الرئيسية أربعة ، وفي حين تنتشر الكنيسة في
    أنحاء العالم ، وعامود الكنيسة و أرضها هو الإنجيل... . فمن المناسب أن يكون لها
    عمدان أربع ، (ضد الهراطقة 3 . 11 .7)



    بكلمات أخرى ، زوايا الأرض أربع ، الرياح أربعة ،
    العمدان أربعة ـ فمن الضروري ،حينذ ، أن تكون الأناجيل أربعة .




    وهكذا ، قرب
    نهاية القرن الثاني
    كان هناك مسيحيون يصرُّون على أنَّ
    متَّى ، مرقس ، لوقا ، ويوحنا كانت هي الأناجيل ؛


    ولم يكن ثمة أكثر من ذلك أو أقل. ولقد استمرت النقاشات حول حدود القائمة الرسمية لقرون
    عديدة
    .


    ويبدو أن المسيحيين هنا وهناك كانوا مهتمين
    بمعرفة أيِّ الكتب ينبغي أن تُقْبَل باعتبارها كتبًا مقدسة وذلك ليعلموا
    :

    أولا:
    أي الكتب ينبغي قراءتها في خدمة الصلاة


    وثانيًا
    : وهو
    الأمر وثيق الصلة بالسبب الأول ، ليعرفوا أي الكتب يمكن الوثوق بها كناصح أمين
    يرشدهم إلى ما يجب أن يؤمنوا به والسلوكيات التي ينبغي أن يسيروا على هديها
    .

    لم تكن القرارات التي اتخذت بشأن الكتب وأيها ينبغي أن
    ينظر إليه في النهاية باعتباره قانونيًّا قرارات تم اتخاذها على نحوٍ آليٍّ أو
    بشكل خال من المشاكل ؛


    لقد كانت مناقشات طويلة وممتدة ،
    وأحيانا عنيفة . ربما يعتقد كثير من المسيحيين اليوم أن قائمة كتب العهد الجديد الرسمية
    ظهرت إلى الوجود ببساطة في يوم ما بعد موت يسوع بوقت قليل ،


    إلا أن هذا الاعتقاد لا يضارعه في
    البعد عن الحقيقة أيُّ شئٍ آخر. كما سيتضح ، نحن قادرون على تحديد الوقت الذي
    قام فيه واحدٌ من المسيحيين من الموثوق بهم بوضع قائمة تضم كتب عهدنا الجديد
    السبعة والعشرين - أو أكثر أو أقل


    .
    ربما سيبدو مدهشا أن هذا المسيحي كان يمارس الكتابة في
    النصف الثاني من القرن الرابع ، أي بعد ثلاثمائة عام تقريبا من العصر الذي بدأت
    تُكتَب فيه كتب العهد الجديد ذاتها.


    هذا المؤلف هو أثناسيوس، أسقف
    الإسكندرية الأقوى
    . في
    عام 367 م ، كتب أثناسيوس رسالته الرعوية السنوية إلى الكنائس المصرية تحت
    ولايته ، ضمَّنها نصيحة بخصوص الكتب التي ينبغي أن تقرأ في الكنائس باعتبارها
    الكتاب المقدس.


    حيث ذكر في
    قائمته كتبنا السبعة والعشرين
    ، واستثنى ما عداها من
    كتب . هذه هي المناسبة الأولى المسجلة لشخص يؤكد أن مجموعة الأسفار التي نعرفها
    هي العهد الجديد .


    بل حتى أثناسيوس لم يحسم هذه المسألة .
    فقد استمرت المناظرات لعشرات السنين ، بل وحتى القرون
    .

    إنَّ الكتب التي
    نطلق عليها لفظ العهد الجديد لم تُجمَع معًا في قائمة رسمية واحدة و لم تعتبر
    كتابا مقدسا ،في النهاية
    ،إلا بعد مرور المئات من السنين
    على العصر الذي كتبت فيه هذه الكتب للمرة الأولى
    .



    قُرَّاءُ الكتابات المسيحية



    في الباب السابق تركّز نقاشنا حول
    تقنين
    (canonization )الكتاب
    المقدس.


    وكما رأينا سابقا كان المسيحيون ، رغم
    ذلك ،يكتبون و يقرأون أنواع كثيرة من الكتب في القرون الأولى ،


    وليس فقط الكتب التي نجحت في أن تصبح
    جزءا من العهد الجديد. لقد كان ثمة أناجيل أخرى ،وأعمال ، ورسائل ، و رؤى ؛ و
    كان هناك تدوينات للاضطهادات ، وحكايات عن الاستشهاد ، وكتب تدافع عن الإيمان ،
    ونظم كنسية ، وأعمال تهاجم الهراطقة ، ورسائل وعظية و تعليمية ،وشروحات للكتاب
    المقدس - منظومة كاملة من الأعمال الأدبية التي ساعدت في رسم حدود المسيحية
    وجعلها تلك الديانة التي كانتها .



    سيكون من المفيد
    في هذه المرحلة من نقاشنا أن نسأل سؤالا أساسيًّا حول كل هذه الأعمال الأدبية.
    من الذي كان يقوم بقراءتها
    ؟


    في عالم اليوم ، ربما سيبدو ذلك سؤالا غريبًا نوعًا ما
    . فلو كان المؤلفون يكتبون كتبًا من أجل المسيحيين ، فالذين يقرأون الكتب
    سيكونون ولابد من المسيحيين.


    فإذا كان السؤال يتناول العالم القديم
    فإنه سيمثل مرارة خاصة لأن غالبية الناس ، في العالم القديم ، لم يكونوا يعرفون
    القراءة . إنَّ معرفة القراءة والكتابة هي أسلوبُ حياة بالنسبة لنا في الغرب
    المعاصر . نحن نقرأ طوالَ الوقت ، وكلَّ يوم . نقرأ الجرائد و المجلات و الكتب
    من كل الأنواع - ترجمات الشخصيات ، الروايات ،كتب "كيف تفعل كذا
    " (how-to books) ،
    كتب "اعتمد على نفسك
    " (self-help books)، كتب الحمية (diet)، كتب دينية ، كتب فلسفية ، علوم التاريخ ،مذكرات ، وهكذا بلا
    توقف
    .


    لكنَّ السهولة التي نشعر بها اليوم مع اللغة المكتوبة
    ليس لها أي علاقة بممارسات القراءة وحقائقها في العصور القديمة. لقد أظهرت
    الدراسات المتعلقة بمعرفة القراءة والكتابة أن ما نعتقده حول معرفة الجماهير
    للقراءة والكتابة هي ظاهرة حديثة ، ظهرت فقط مع بزوغ فجر الثورة الصناعية (13) .


    فهي تحدث فقط عندما ترى الأمم أن ثمة فائدة
    اقتصادية في جعلها كلَّ شخص قادرا على القراءة ، إلى الدرجة التي تجعلهم ينتوون
    أن يكرسوا كل الموارد الضخمة - خاصة الوقت ، المال ،


    و الموارد البشرية- التي يحتاجونها
    للتأكد من أن كل إنسان قد حصل على قدر أساسي من التعليم يؤهله للقراءة والكتابة.
    في المجتمعات غير الصناعية ، كانت الموارد مطلوبة لأشياء أخرى بدرجة كبيرة ،
    ومعرفة القراءة والكتابة لم تكن تساعد اقتصاد المجتمع ولا رفاهيته ككل. وفي
    المحصلة ،


    حتى العصر الحالي ، كل المجتمعات
    تقريبًا كانت تضم أقلية صغيرة فحسب من القادرين على القراءة والكتابة
    .

    وهذا ينطبق حتى على المجتمعات القديمة التي نربطها تلقائيًا
    بالقراءة والكتابة - روما ، على سبيل المثال ،خلال القرون المسيحية المبكرة ، أو
    حتى اليونان في أثناء الفترة الكلاسيكية . أفضل دراسة معروفة عن معرفة القراءة
    والكتابة في الأزمنة القديمة و أكثرها تأثيرا ،هي تلك التي كتبها ويليام هاريس
    البروفيسور بجامعة كولومبيا ،حيث تشير إلى أنه في أفضل الأوقات و الأماكن ـ
    أثينا ،على سبيل المثال ، في أوج الفترة الكلاسيكية في القرن الخامس قبل
    الميلاد- كانت معدلات القراءة والكتابة نادرًا ما تتعدى نسبة 10 – 15 في المائة
    من السكان . لكي نعكس حقيقة هذه الأرقام ، هذا يعني أنه في أفضل الظروف ،85 – 90
    في المائة من السكان لم يكن بإمكانهم القراءة ولا الكتابة . في القرن المسيحي
    الأول ، في مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية ، معدلات معرفة القراءة والكتابة
    ربما كانت أقل نوعًا ما (14) . حتى وضع تعريف ، كما سيتضح ، لما تعنيه القدرة
    على القراءة والكتابة هو عمل شديد التعقيد . فكثير من الناس يمكنهم القراءة
    لكنهم ، على سبيل المثال ، يعجزون عن تكوين جملة كاملة. ثمَّ ما هو معنى كونك
    تعرف القراءة ؟ هل الناس يمكن تصنيفهم بين من يعرفون القراءة والكتابة لو كان
    باستطاعتهم معرفة معنى المسلسلات الكرتونية في الوقت الذي لا يعرفون فيه معنى
    الصفحة الافتتاحية ؟ هل يمكننا أن نقول عن الناس إنهم يعرفون الكتابة لو كان
    باستطاعتهم توقيع أسمائهم في الوقت الذي لا يستطيعون فيه نسخ صفحة بها أحد
    النصوص ؟



    starspole
    starspole
    المشرف العام للمنتدى
    المشرف العام للمنتدى


    المساهمات : 358
    تاريخ التسجيل : 11/11/2007

    دور مارقيون في تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس Empty رد: دور مارقيون في تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس

    مُساهمة من طرف starspole الإثنين نوفمبر 19, 2007 11:09 am

    مشكلة التعريف تبدو أكثر وضوحا عندما نطبقها على العالم القديم
    ، حيث كان لدى القدماء أنفسهم صعوبة في تحديد ما يعنيه أن تكون عارفا للقراءة
    والكتابة . أحد الأمثلة التوضيحية الأكثر شهرة تأتي من مصر في القرن المسيحي
    الثاني . طوال معظم العصور القديمة ، حيث لم يكن معظم الناس يعرف الكتابة ، كان
    ثمة " قرّاء
    " و "كتّاب" أجروا أنفسهم لتقديم خدمات لمن يحتاجهم من الناس
    ممن يمارسون الأعمال
    (business) التي تتطلب نصوصًا مكتوبة : إيرادات الضرائب ،عقود قانونية ،تراخيص
    ،رسائل شخصية ، وما شابه . في مصر ،


    كان ثمة موظفون رسميون تم تعيينهم
    للقيام بمهمة مراقبة بعض المهام الحكومية التي تتطلب معرفة الكتابة . هذه
    الوظائف للعمل كنساخ محليين ( أو في القرى) لم تكن عادة يسعى إليها: فمثل كثير
    من الوظائف الإدارية " الرسمية " ، كان الناس الذين يطلب إليهم أن
    يتولوها مطلوب منهم أن يدفعوا من جيوبهم أموالا للحصول على هذه الوظيفة . هذه
    الوظائف ، بمعنى آخر ، كانت تذهب إلى الأفراد الأكثر ثراءا داخل المجتمع وكانت
    تحمل بالنسبة لهم نوعا من المنزلة ،لكنها كانت تتطلب إنفاقا من أموالهم الشخصية
    .

    المثال الذي يصور مشكلة تعريف
    معنى معرفة القراءة والكتابة يتعلق بأحد النساخ المصريين وكان يدعى بتاوس
    ، من قرية كارانيس في صعيد مصر . كما يحدث كثيرا ، عُيّن بيتاوس
    للقيام بواجباته في قرية أخرى اسمها بتوليمايس هورمو، حيث أوكلت إليه مهمة
    الإشراف على الشئون المالية والزراعية . في عام 184 ميلاديا ،


    كان من المفترض أن يقوم بالرد على
    شكاوى موجهة ضد ناسخ قرية أخرى من
    "بتوليمايس هورمو" ، وهو شخص يدعى "إيشيريون"، الذي
    كان قد عُيِّن في مكان آخر للقيام بمسئولياته كناسخ . سكان القرية تحت ولاية
    "إيشيريون" كانوا منزعجين بسبب عجز "إيشيريون" عن القيام
    بواجباته ، لأنه ،كما اتهموه ، كان
    "أمّيّا".

    في تعامله مع هذا النزاع جادل "بتاوس" قائلا
    إن "إيشيريون
    " لم يكن أمِّيًّا على الإطلاق ، لأنه كان قد وقع بالفعل باسمه على
    مجموعة من الوثائق الرسمية . أي بمعنى آخر ، "معرفة القراءة والكتابة"
    كانت تعني من وجهة نظر "بيتاوس " ببساطة القدرة على التوقيع على
    الوثائق باستخدام الاسم
    .

    "بيتاوس " نفسه كان يجد مشقة في التوقيع على
    الوثائق أكثر من ذلك بكثير .


    فلدينا قصاصة من البردي مارس
    "بيتاوس" عليها قدرته على الكتابة ،حيث كتب عليها ،لأكثر من اثني عشر
    مرة ، كلمات (باليونانية) تقول إنه كان متوجبا عليه توقيع وثائقا رسمية :" أنا "بيتاوس" ، ناسخ القرية ،قمت بتحرير
    هذه ." الأمر الغريب أنه قام بنسخ الكلمات في المرات الأربع الأولى بطريقة
    صحيحة ،لكنه في المرة الخامسة أغفل الحرف الأول من الكلمة الأخيرة ،


    وفي المرات
    السبع الباقية استمر في إغفال الحرف ،الأمر الذي يشير إلى أنه لم يكن يكتب كلمات
    يعرف كيف يكتبها، بل ينسخ السطر السابق ذكره ليس إلا
    .

    من الواضح أنه لم يكن باستطاعته قراءة الكلمات البسيطة التي
    كان يدونها في الصفحة حتى. وذلك على الرغم من أنه كان الناسخ المحلي الرسمي (15
    ) !



    لو وضعنا "بيتاوس " بين "القادرين على
    القراءة والكتابة" في العصور القديمة ، فكم من الناس كان بإمكانهم قراءة
    النصوص فعليا وفهم معناها ؟ من المستحيل أن نحاول التفكير في رقمٍ دقيقٍ ، لكنَّ
    النسبة المئوية يبدو أنها لن تكون عالية جدا . هناك أسباب تدعونا للاعتقاد بأنه
    في داخل المجتمعات المسيحية ، كانت الأرقام أقل حتى من هذا بوجه عام
    . هذا سببه أن المسيحيين فيما يبدو ، خاصة
    في وقت مبكر من عمر الحركة ، كانوا في الغالب منحدرين من الطبقات الدنيا غير
    المتعلمة . كانت هناك استثناءات دائما ،بالطبع ، مثل الرسول بولس و المؤلفين
    الآخرين الذين دخلت أعمالهم ضمن العهد الجديد والذين كانوا كتَّابًا ماهرين بشكل
    واضح
    . بالتأكيد هذا
    هو الوضع الحقيقي للمسيحيين الأوائل ، الذين كانوا رسلا ليسوع . في روايات
    إنجيلية ، نجد أن معظم تلاميذ يسوع كانوا أميين بسطاء من الجليل - صيادين غير
    متعلمين ، على سبيل المثال . اثنان منهما ، بطرس ويوحنا ، قيل عنهما بوضوح أنهما
    كانا "أمِّيين" في سفر الأعمال ( 4 : 13)


    . بولس الرسول
    يشير لشعب كنيسته الكورنثيين : " قليل منكم من
    هم حكماء بالمقاييس البشري
    ة " (1 كو 1 : 27 ) ـ التي ربما تعني أن
    البعض القليل كان حاصلين على تعليم جيد ،


    لكن ليس الغالبية . فإذا تقدمنا إلى
    القرن المسيحي الثاني ، يبدو أن الأمور لم تتغير كثيرا . فكما أشرت ، بعض
    المثقفين قبلوا الإيمان ، لكنّ المسيحيين معظمهم كانوا من الطبقات الدنيا وغير
    المتعلمة
    . أحد
    الأدلة على صحة هذه الرؤيا تأتي من مصادر عديدة . واحدة من أكثرها طرافة هو أحد
    الوثنيين من خصوم المسيحية المسمى "سيلزس" والذي عاش في أواخر القرن
    الثاني . كتب "سيلزس" كتابا اسمه " الكلمة الحقة
    "( The True Word) ،
    هاجم فيه المسيحية لعدد من الأسباب ، متذرعا بأنها ديانة حمقاء خطرة يجب محوها
    من على وجه الأرض . للأسف ، لا نملك "الكلمة الحقة " ذاتها ؛ وكل ما
    لدينا هو اقتباسات منها وردت في كتابات أوريجانوس أحد الآباء المشهورين في
    الكنيسة ، الذي عاش لمدة سبعين عاما بعد "سيلزس" وطلب إليه أن يكتب
    ردا على اتهاماته
    .



    كتاب أوريجانوس "ضد سيلزس" نجا من الضياع وهو
    المصدر الرئيسي لمعلوماتنا عما قاله الناقد المثقف "سيلزس" في كتابه ضد
    المسيحيين (16).


    أحد أهم خصائص كتاب أوريجانوس هو أنه
    يقتبس من أقدم كتاب من كتب "سيلزس" بشكل مطول ،سطرًا بسطر ، قبل أن
    يقدم تفنيده لما جاء في الاقتباس. هذا يسمح لنا بإعادة بناء دعاوى
    "سيلزس" بدقة متناهية .




    أحد هذه الدعاوى هو أن المسيحيين هم
    أناس جاهلون من الطبقات الدنيا . والغريب أن أوريجانوس ، في ثنايا رده ، لم ينكر
    ذلك . تأمل الاتهامات التالية التي وجهها "سيلزس
    ".



    الوصايا المسيحية هي مثل ذلك . "لا تتركوا شخصا متعلما ، أو
    حكيما ، أو عقلانيا يقترب . لأن هذه القدرات حسب اعتقادنا هي قدرات شريرة . أما
    الشخص الجاهل ، الشخص الغبي ، الشخص غير المتعلم ، الشخص الذي هو مثل طفل ،
    فلتتركوه يأتي بجسارة
    ."( ضد سيلزس 3 . 44
    )



    فوق ذلك ، نحن نرى أن هؤلاء الذين يظهرون معارفهم
    السرية في المعارض و يتجولون للتسول لن يدخلوا أبدا إلى جماعة الأذكياء من الناس
    ،


    ولن يجرؤا على
    كشف معتقداتهم النبيلة في حضورهم
    ؛ ولكن عندما يرون غلمانا
    مراهقين أو حشدًا من العبيد أو رفقة من الحمقى ، فإنهم يندفعون ويبدأون في
    التفاخر .( ضد سيلزس 3 . 50
    )



    في البيوتات الخاصة أيضا نرى عمال الصوف ،


    والإسكافيين ،وعمال غسل الملابس وأكثر
    الفلاحين جهلا و بداوة ، ممن لن تواتيهم الجراءة أن يتفوهوا ببنت شفة في مواجهة
    ساداتهم الأكبر سنا و الأكثر ذكاءا .لكنهم حالما يجدون صغار السن في السر أو بعض
    النساء الحمقى معهم ، فإنهم يخرجون من أفواههم بعض الأقوال المثيرة للدهشة مثل
    أنهم(أي الأطفال) ، على سبيل المثال، يجب ألا يولوا لحديث آبائهم وأساتذتهم في
    المدارس أي انتباه
    . . . ؛

    ويقولون إن هذه الأحاديث لا معنى لها
    وغير مفهومة …


    لكن ، لو كانوا يريدون ، فينبغي أن
    يتركوا آباءهم وأساتذتهم في المدارس ، وأن يذهبوا مع النساء والأطفال صغيري السن
    من زملاء لعبهم إلى محل الملابس الصوفية ، أو إلى محل الإسكافي أو إلى محل غاسلة
    الملابس ، حيث يمكنهم تعُّلم الكمال. و يقنعونهم من خلال قول ذلك. ( ضد سيلزس 3
    . 56
    )



    يرد أوريجانوس بأن المسيحيين المؤمنون حقا هم في
    الحقيقة حكماء ( وبعضهم ، في الواقع ، من ذوي التعليم الجيد)، لكنهم حكماءا فيما
    يتعلق بالله ، وليس فيما يتعلق بالأشياء في هذا العالم . أي أنه ،بمعنى آخر ،لم
    ينكر أن المجتمع المسيحي يتشكل في الغالب من الطبقات الدنيا ،غير المتعلمة
    .





    القراءة العامة في العصور
    المسيحية القديمة




    يبدو أننا ، إذن ، في وضع ينطوي على
    تناقض ظاهريٍّ اتسمت به المسيحية الأولى
    . فالمسيحية كانت ديانة كتابية ، لديها كتابات من كل الأنواع ثبت أنها
    ذات أهمية بالغة لكل شأن تقريبًا من شئون الإيمان. إلا أن الناس لا يمكنهم قراءة
    هذه الكتابات. كيف يمكننا تفسير هذا التناقض ؟


    في الواقع ،


    القضية ليست بكل هذه الغرابة لو تذكرنا
    ما أشرنا إليه من قبل ، ألا وهو أن المجتمعات من كل الأنواع في كل زمن من العصور
    القديمة كانوا عموما يحصلون على خدمات المتعلمين لمصلحة غير المتعلمين .


    لأن "قراءة" كتاب في العالم القديم
    لم تكن تعني ، عادة ً ، قراءة الإنسان كتابا لنفسه ؛ بل كانت تعني قراءته بصوت
    عالٍ أمام الآخرين . فمن الممكن أن يقال عن الشخص إنه قرأ كتابا عندما يكون في
    حقيقة الأمر قد سمعه يُقْرَأُ على لسان الآخرين
    . يبدو أنه لا مفر من التسليم بالاستنتاج الذي يقول إن الكتب- بقدر ما
    كانت مهمة للحركة المسيحية المبكرة – إلا أنها دائما ما كانت تقريبا تُقرأ بصوتٍ
    عالٍ في المشاهد الاجتماعية ، مثل مشهد الصلاة
    .

    ينبغي أن نتذكر هنا أن بولس علَّم مستمعيه السالونيكيين
    أن " تُقْرَأَ هَذِهِ الرِّسَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الإِخْوَةِ
    الْقِدِّيسِينَ. " ( 1 تس 5 : 27
    ). وهذا من المحتمل أنه كان يحدث بصوت عال ، في الاجتماع . وكاتب
    الرسالة إلى أهل كولوسي كتب : وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا
    تُقْرَأُ ايْضاً فِي كَنِيسَةِ اللاَّوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ
    لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَا انْتُمْ ايْضاً." ( كولو 4
    : 16 )



    وتذكروا أيضًا تقرير جوستينوس الشهيد الذي يقول إنه
    " في اليوم المسمى الأحد ، كل من يعيشون في المدن أو في البلدة يجتمعون معا
    في مكان واحد ، وتُقرأ عليهم مذكرات الرسل و كتابات الأنبياء ، بقدر ما يسمح
    الوقت
    "(1 أبولوجي
    67
    ).



    النقطة ذاتها أثيرت في كتابات
    مسيحية مبكرة أخرى
    . على
    سبيل المثال ، في سفر الرؤيا قيل لنا ، " طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ
    يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّة "(1 : 3) ـ التي تشير بوضوح إلى القراءة
    العامة للنص . في كتاب أقل شهرة يدعى رسالة كلمنت الثانية ، من منتصف القرن
    الثاني ، يشير المؤلف ، في إشارة إلى كلماته الوعظية ،" أقرأ إليكم طلبا أن
    تصغوا إلى المكتوب ، لعلكم تخلِّصون أنفسكم ومن يقرأ لكم "(2 كلمنت 19 . 1
    )

    خلاصة القول ، كانت الكتب التي كانت ذات أهمية قصوى في
    المسيحية المبكرة تُقرأ في الغالب بصوت عال عبر هؤلاء الذين كان باستطاعتهم
    القراءة ، لكي يستطيع الأمِّيون الاستماع إليها ، وفهمها ، بل وحتى دراستها .
    على الرغم من أن المسيحية الأولى كانت في العموم تتشكل من المؤمنين الأميين ،
    إلا أنها كانت ديانة أدبية إلى حد كبير . مع ذلك، هناك موضوعات أخرى مهمة نحتاج
    أن ندرسها. لو كانت الكتب ذات أهمية كبيرة للمسيحية الأولى ، لو كانت تقرأ
    للمجتمعات المسيحية في محيط البحر المتوسط ، كيف حصلت هذه المجتمعات على هذه
    الكتب فعليًّا؟ كيف أصبحت متاحة للاستخدام العام . لقد حدث ذلك في عصور ما قبل
    ظهور أدوات النشر المكتبي ، وكذلك وسائل الطباعة الإليكترونية ،بل وحتى حروف
    الطباعة المتحركة. لو حصلت مجتمعات المؤمنين على نسخٍ من الكتب المسيحية العديدة
    المتداولة ،فكيف حصلوا على هذه النسخ ؟من كان يقوم بعملية النسخ ؟ والأكثر أهمية
    بالنسبة لموضوع دراستنا النهائي ،كيف يمكننا ( أو كيف أمكنهم ) أن نعرف أن النسخ
    التي حصلوا عليها كانت نسخًا دقيقة ، وأنهم لم يقوموا بتعديلها في أثناء عملية
    النسخ ؟




    هوامش

    (12) لمزيد من المعلومات حول مارقيون وتعاليمه ،انظر
    "الديانات المسيحية المفقودة" لبارت إرمان ص 103- 108
    .

    (13) انظر على وجه الخصوص كتاب
    "The ancient Literacy" لويليام
    .?.هاريس من مطبوعات(كامبردج، القسم الإعلامي بجامعة هارفارد
    ).

    (14) للمزيد حول معدلات معرفة القراءة و الكتابة بين
    اليهود في العصر القديم ، انظر كتاب كاثرين هـ. إزسر " الأمية اليهودية في
    فلسطين الرومانية
    "( توبنجين : موهر / سيبيك ،2001 ).

    (15) انظر نقاش كيم هاينز أيتسن في كتاب " حراس الحروف:
    معرفة القراءة والكتابة ،قوة و ناقلوا الأدب المسيحي المبكر " ( نيو يورك
    ،جامعة أكسفورد ،القسم الإعلامي ،2000) ، 27 – 28 ، ومقالات هـ .سي .يوتي التي
    ذكرتها هناك
    .



    (16) الترجمة
    الإنجليزية القياسية لهنري تشادويك " ضد سلزاس"( كامبردج : القسم
    الإعلامي بالجامعة ،1953)، هي التي تتبعتها هنا


    .




    السيد كرم عضو فريق الترجمة بمنتدي حراس العقيدة



    من كتاب
    Misquoting Jesus










      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 6:35 pm